شريط اخباري

تهنئ الجامعة الليبية للعلوم الإنسانية والتطبيقية جميع أعضاء هيئة التدريس والطلاب والموظفين والعاملين بحصولها علي الاعتماد البرامجي لقسمي إدارة الأعمال والمحاسبة والحاسوب وذلك بحصول الأقسام العلمية على الإعتماد المؤسسي والبرامجي. ● تم بحمد الله وتوفيقه في الأيام الماضية التوقيع علي اتفاقية تعاون في اللغة الانجليزية بين الجامعة الليبية للعلوم الإنسانية والتطبيقية و معهد غلوبال تيسول الكندي (Global Tesol College ) حول الموضوعات الاتية:- 1- دورات تعليم اللغة الانجليزية لسبعة مستويات .2- شهادة التيسول الدولية International Tesol ertificate تأهيل الطلبة لامتحانات (IELTS and TOEFL) تأهيل ورفع كفاءة مدرسي اللغة الانجليزية وتخريج مدرسين لغة انجليزية جدد بالاضافة الي مجموعة اخري متنوعة من برامج اللغة الانجليزية وبعض التخصصات الاخري. ● . تــعلن إدارة مجلة الليبية عن بدء تجميع المادة العلمية لسنة 204 فعلى السادة أعضاء هيئة التدريس الراغبين في نشر أبحاثهم الاسراع بالتواصل مع إدارة المجلة وتجهيز نسختين إحداها ورقية والأخرى إلكترونية موعد استلام الورقات البحثية من الساعة 12- 4 كل يوم عدا الجمعة والسبت. ● 📱0925331414 ● تعلن الجامعة الليبية للعلوم الإنسانية والتطبيقية المعتمدة ( مؤسسي وبرامجي )عن فتح باب التسجيل والقبول لفصل الربيع 204 وذلك في التخصصات التالية إدارة الأعمال، محاسبة، حاسب آلي، تمويل ومصارف، قانون، هندسة النفط، فعلى الطلبة الراغبين في الإلتحاق بالدراسة في الجامعة الحضور للجامعة مصحوبين بالمستندات التالية، شهادة ثانوية وما يعادلها، 8 صور، شهادة صحية، شهادة ميلاد، العنوان عين زارة بجانب جامعة طرابلس قاطع ب وذلك من الساعة 9 صباحا حتى الساعة 6 مساءاً ولأي استفسار نامل الاتصال على الارقام التالية 0922108002 ● تم بحمد الله عقد اتفاقية تعاون بين الجامعة الليبية والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري وذلك في مجال، الدراسات العليا الني تمنحها الأكاديمية، مجال التدريب، مجال إيفاد الخبراء، الاستشارات والبحوث المشتركة

قواعد الحوكمة المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية في مجال الصناعة المالية

قواعد الحوكمة المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية في مجال الصناعة المالية

د. جمعة محمد الرقيبى

المقدمة:

إن قواعد الحوكمة بشكل عام قواعد أساسها الأخلاق المستندة على قيمة العدل، والأحكام الشرعية هي أحكام مستمدة من أكثر القواعد عدلاً تلك القواعد التي أرساها القرآن الكريم، ومن هنا فان قيمة العدل هي القاسم المشترك بين الحوكمة والأحكام الشرعية، إلا أن الحوكمة عندما طُبقت في المؤسسات التقليدية حاولت وضع آليات تتناسب قدر الإمكان مع طبيعة المؤسسات المالية التقليدية المقامة على قواعد ظالمة إلى حد ما، قواعد يشوبها الربا والغرر والقمار وغيرها من المحرمات فلم تحقق بذلك علاقات عادلة كما ينبغي بين ذوى العلاقة بالمؤسسة. والربا والغرر والقمار تُعطل قيمة العدل وتجعل من طرف يمارس الاستغلال والظلم على طرف أخر ولن تتحقق في وجودها العدالة المنشودة.

ولأن ظهور الحوكمة كآلية تسعى إلى حل مشكلة الوكالة في المؤسسات التقليدية وتعمل على تحقيق التوازن تزامن تقريبا مع ظهور المؤسسات المالية الإسلامية، مما حدا بهذه المؤسسات إلى أتباع مبادئ الحوكمة التي صممت لتناسب المؤسسات المالية التقليدية أو ربما كان ذلك لمتطلبات دولية أو لعدم فهم الحقيقة التي مفادها إن الحوكمة الحقيقية هي تلك الحوكمة المستمدة من أحكام الشريعة. إن الحوكمة في المؤسسات التقليدية وبالرغم من أنها تحاول حوكمة كل العلاقات في المؤسسة إلا أنها تركز على علاقة المساهمين بالإدارة لحل مشكلة الوكالة ولم تعالج مكونات وأطراف غير موجودة في المؤسسات التقليدية ووجدت في المؤسسات الإسلامية، كما أن أهدافها تختلف عن أهداف المؤسسات الإسلامية مما يستدعى حوكمة تختلف.

وبظهور المؤسسات الإسلامية أستدعى الأمر ظهور علاقات جديدة تستدعى حوكمتها توافق مع القواعد الشرعية وبذلك فهي تختلف عن الحوكمة في المؤسسات التقليدية لتقدم منهجاً أكثر رقياً وتطوراً، محاولةً تحقيق أكبر درجات العدل.

ويمكن تشبيه المؤسسة الإسلامية بأنها صرح يبنى على قواعد شرعية أساسها العدل وتعمل فيه الحوكمة على جعل العلاقات المختلفة في هذا الصرح علاقات أكثر عدلاً. وبذلك فإن الحوكمة مشروع أخلاقي لا يستقيم إلا في ظل القواعد الشرعية. وستتناول هذه الورقة تلك المفاهيم المتعلقة بالصناعة المالية الإسلامية في مؤسسات التأمين التكافلي مبينين أن السلوك المحرم في المؤسسات التقليدية ما حرم إلا لأنه يرسخ علاقات الظلم والاستغلال وما المؤسسات الإسلامية إلا مؤسسات تتجسد فيها العلاقات الأكثر عدلاً.

1- مشكلة الوكالة Agency Problem:

تركز الحوكمة على مشكلة الوكالة الناتجة عن الفصل بين الملكية والإدارة، وكما يرىFama،Jensen and Meckling[2](Eisenhardt) والوسيلة المتوفرة حتى الآن لتنظيم العلاقة بين الوكيل والموكل هي إبرام عقد بين الطرفين، ولكن من غير الممكن كتابة عقد كامل يحوي كل التفاصيل المستقبلية عن حقوق وواجبات الطرفين ومن هنا يرى [4]Jensen and Meckling, أن عقد الدخل الثابت الذي يمنح للوكيل ليس الطريقة المثلى لتنظيم العلاقة بين الوكيل والموكل بل أن المشاركة فى الملكية تقلص الدافع لدى الوكيل بأن يضخم تكلفة الوكالة، وأن كانت الحوكمة تركز على علاقة الإدارة بالملاك على أساس أنها علاقة وكالة إلا أنها لا تهمل العلاقات الأخرى بل تبحث عن علاقات عادلة بين كل أطراف التعاقد أو أطراف العلاقة بما في ذلك علاقة المودعين بمختلف أنواعهم مع الملاك أو أية علاقة أخرى قد يبغى فيها طرف على الطرف الأخر. ولعل علاقة المضاربة بين طرفيها صاحب المال والمضارب (المصرف) كما سنرى لاحقا أحد هذه العلاقات التي تظهر فيها مشكلة الوكالة أيضا وكلما كانت العلاقة علاقة مشاركة تقلصت مشكلة الوكالة (أن يبغى طرف على طرف).

ولعل التجارب أثبتت أن معالجة هذه المشكلة (مشكلة الوكالة) لن تتم بمزيد من اللوائح والقوانين والقيود لأن هناك قدرا من السلوك لا يمكن أحكامه إلا بتقوية الجانب الأخلاقي للمدراء ومزيداً من الحوافز حتى لا يكون المدير مضطرا لمكافأة نفسه مبررا ذلك بأنه هو من كان وراء أرباح الشركة ومن حقه أن يستولي على جزء من هذه الإرباح, بل يطيب له الأمر ويكافئ نفسه حتى وان كانت الشركة تعانى من الخسائر، وقد قدمت المؤسسات الدولية الحوكمة كعلاج متطور لهذا المرض الخطير الذي يفتك باقتصاديات الدول, وأكد كثير من المفكرين مثل [6] Brennan(1994)الا أن هذا في الواقع قد لا يكون دقيقا فالإنسان كما يراه [8]. وإذا كانت الشركة تُعرف بأنها مجموعة من العقود حسب نظرية المنشأة (Firm theory) فان احترام وتنفيذ هذه العقود أحد ركائز الحوكمة،وقد نص القرآن الكريم بوضوح على احترام العقود وأرسى قواعد السلوك التي تشمل ما يلي:

1-  كتابة العقد وحفظ الحقوق }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ{.  

                                                                                  (البقرة: 282)

إن هذا الأمر بالكتابة دليل على أن الثقة بين الإطراف مهما كانت كبيرة تبقى عملية نسبية وليست مطلقة، أمر الله سبحانه وتعالى بالكتابة والتوثيق، إي كتابة العقد حتى وان كان الدين صغيراً.

إن الكتابة هنا تمثل العقد بين الطرفين، وكلما كانت الثقة أقل كلما كانت شروط العقد وتفاصيله اكثر، ولأنه لايمكن كتابة عقد يحوى كل التفاصيل بما فيها كيف يتصرف كل طرف في حالة حدوت أحدات مستقبلية لايمكن معرفتها وقت كتابة العقد، وبالتالي فان الاعتماد على العقد وحده أو بمعنى آخر على القوانين واللوائح أمر مستحيلا. إذاً لابد من تقوية رابطة الثقة بين المتعاقدين، ولن تتأتى هذه التقوية إلا بتقوية منظومة القيم والأخلاق التي تربط الأطراف، والآليات المناسبة والمتوفرة حتى الآن هي آليات الحوكمة. وإذا ركزنا حديثنا على علاقة الدائن بالمدين أو الملاك بالإدارة أو المستثمرين بالملاك فإن كل هذه العلاقات تحتاج إلى تقوية الجانب الأخلاقي (والعدل هو الأخلاق)، فكيف يمكن أن تكون العلاقات عادلة لا يبغى فيها طرف عن طرف؟ تلك هي قضية الحوكمة. إن "الكتابة" أمر ضروري حتى لا يفكر طرف فى التنصل من تعهداته الشفوية، بل إن الكتابة مقيدة حسب الآية الكريمة، إذ لم تهمل الآية الكريمة حماية الطرف الضعيف (المدين) وأعطت له الحق أن يملى على الكاتب صيغة العقد.

هذه حوكمة للعلاقة بين الدائن والمدين تحقق التوازن في الحقوق، وان لم يتوفر قدرا (ولو كان بسيط) من الثقة بين الدائن والمدين ما تمكن الطرفان من التعاقد. إذ أن هذا القدر من الثقة هو الذي يجعل من إقامة العلاقة ممكنة وتدعوا هذه الإمكانية إلى كتابة العقد، أما انعدام الثقة فلن يؤدى إلى كتابة العقد أصلاً، وكلما كانت الثقة ضعيفة ولا توجد إمكانية للكتابة أو أن الكتابة وحدها لن توفر ضماناً للدائن، تجعل الدائن يطالب بضمانات اكثر تضمن له التزام المدين بإرجاعه أمواله.

ومن هنا فأن الحوكمة بمفهومها العام هي تقوية منظومة القيم التي تربط الناس لدرجة يمكن معها رفع درجة الثقة والإقلال من تفاصيل العقود وتعقيداتها.

2- تضارب المصالح }وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِلَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ{.

3- الأمانة في تنفيذ جميع العقود }يا أيّها الذين آمنوا أوفوا بالعقود{(المائدة: 1).

4 - تحريم خيانة الأمانة }يا أيّها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون { (الأنفال:27).

5- تحريم الحصول على دخل عن طريق الغش أو التلاعب في الأسعار أو سوءالأمانة أو التدليس}يا أيّها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارًة عن تراضٍمنكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا{(النساء: 29).

6- تحريم الرشوة للحصول على ميزة غير عادلة} ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريًقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون{(البقرة:188).

7- الاتجاه إلى تخفيف المشاكل الناتجة عن عدم انتظام توزيع المعلومات بينالأطراف المتعاقدة }ولا تسئموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا{(البقرة: 282).

وبالرغم من أن علاج المشكلة معروف منذ مئات السنين، إلا أنه أخيراً تنبه العالم بعد أن استفحلت مشكلة الوكالة وانهارت الشركات الكبيرة في غربه وشرقه إلى أن الحل يكمن فى الحوكمة التي تقوم على القواعد الأخلاقية، وبدأ الاهتمام المتزايد من قبل الحكومات والمؤسسات الدولية، أهمها تلك المبادئ التي أصدرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) والتي تم اعتمادها من قبل البنك الدولي (WB) وصندوق النقد الدولي (IMF) عام 1999، واتحاد هيئات أسواق المال (IOSCO)، وقد تبنت لجنة بازل (BCBS) تلك المعايير في نهاية العام نفسه. وقد عرفت (OECD) الحوكمة بأنها "مجموعة من العلاقات بين أدارة الشركة، مجلس إدارتها، حملة أسهمها، وأصحاب المصالح الآخرين. الحوكمة أيضاً تقدم الهيكل أو البنية التي من خلالها يتم وضع أهداف الشركة، والوسائل التي تؤدي إلى تحقيق الأهداف ومراقبة الأداء"[10].

لقد أصبح موضوع الحوكمة مشروعاً عالمياً يحاول أن يحقق شفافية أكبر ويعمل على محاسبة المسئولية لحماية المستثمرين وأصحاب المصالح الآخرين وللتخفيف من مشكلة الوكالة ما أمكن.

لقد نُشر الكثير عن فضائح سوء الإدارة في كثير من الشركات وكانت معظمها قد ركزت على صلاحية أساليب الحوكمة المتبعة لحماية حقوق حملة الأسهم, بالإضافة إلى أصحاب المصالح الأخريين, إن سوء الإدارة وعدم أتباع قواعد السلوك المهني في الأنشطة المالية ليس فقط يخلق خسائر استثمارية منتشرة في كل العالم ، بل انه يهز ثقة المستثمرين، ويثير شكوك كبيرة في استقرار النظام المالي العالمي. وخير شاهد على ضعف الحوكمة ما يتعرض له العالم اليوم من أزمة مالية سببها الرئيسي ضعف آليات الحوكمة.

وبنفس الدرجة من الأهمية فأن سوء الإدارة يضر بمصالح كل أصحاب العلاقة مثل الدائنين، المزودين، المستهلكين، الموظفين، وأصحاب المعاشات وكل المجتمع بصفة عامة. إن الأثر يمتد ليؤثر في معيشة ضحايا النشاط الذي تعرض لأزمة مالية، أي أصحاب المصالح الذين يرتبطون بعلاقة تعاقدية مع المؤسسة. (مع ملاحظة إن مصطلح أصحاب المصالح قد يمتد ليشمل أطراف لا تربطهم علاقة تعاقدية مع المؤسسة ولكن كل الذين تأثروا بقراراتها). إن الآثار المترتبة على ضعف الحوكمة في المؤسسات المالية ليست فقط مالية، ولكن يضاف إليها تلك التكاليف العالية بالمفهوم الإنساني والاجتماعي.

4- حوكمة المؤسسات التي تقدم خدمات مالية أسلامية:

الحوكمة السليمة تعتبر مهمة أكثر في المؤسسات المالية عن غيرها من المؤسسات ألأخرى لأنها مؤسسات تعتمد على أموال الغير في تحقيق أرباح للملاك وهذا الغير يعتمد على الطبيعة الائتمانية لهذه المؤسسات. ومن هنا تبرز أهمية الحوكمة وتطبيقاتها في المؤسسات المصرفية وشركات التأمين من الطبيعة الاستئمانية لأنشطة هذه المؤسسات، أي بمعنى المؤسسة المالية مؤسسة ائتمانية توفر الأمان وهى مستأمنة على أصول كل المودعين في المصارف وكل أصحاب الوثائق في شركات التأمين, وهي بذلك ملزمة بأن تعمل لمصلحتهم عندما تحتفظ أو تستثمر أو تتصرف بممتلكاتهم ولا تعمل لمصلحة المساهمين فقط. إن هذا مهم خصوصا في هذه المؤسسات حيث يكون حجم عدم تماثل المعلومات أكبر من المؤسسات الأخرى. انه لمن الصعوبة بمكان على الإطراف الخارجية أن تراقب أو تقيم المدراء التنفيذيين في المصارف أو المدراء التنفيذيين في شركات التأمين، بالإضافة إلى قدرتهم (المدراء) على التأثير في مجلس الإدارة وتعديل تركيبة مخاطر الأصول أو أخفاء معلومات عن جودة القروض أو جودة وثائق التأمين من حيث المخاطر التي تتعرض لها. ويعتقد بعض المفكرين المسلمين أن المؤسسات التي تقدم خدمات مالية أسلامية محصنة من نقائص مشكلة الوكالة بما يصاحبها من حب المصلحة الشخصية على حساب مصلحة الإطراف الأخرى دوى العلاقة، أد يدَعون أن هذه المؤسسات لديها إحكام أفضل بسبب الواعز الديني والأدبي الذي يدفع الإدارة والملاك بأن يتصرفوا بشكل أخلاقي[12]. والمؤسسات المالية التي تقدم خدمات مالية أسلامية ليست استثناء من هذا, فالمؤسسات المالية الإسلامية هي الأخرى عرضة لأن تعاني من اختراق المسئوليات الأستئمانية وعرضه لعدم تماثل المعلومات.

و تضم صناعة الخدمات المالية الإسلامية في العالم اليوم أكثر من 400[14]. إن أنشطة المؤسسات التي تقدم خدمات مالية أسلامية تلقى قبولاً في جميع أنحاء العالم, وتؤثر في رفاهية أكثر من 21 % [16].

أن مؤسسات التأمين التكافلي من وجهة نظر الحوكمة هي مؤسسات تقوم على قواعد شرعية عادلة وتبنى فيها علاقات عادلة خالية من الظلم والاستغلال ويكون فيها التكافل بين المشتركين في صندوق التكافل، وما الشركة التي تدير هذا الصندوق وتستثمر أمواله إلا شركة مؤجرة متخصصة في صناعة التأمين يشترط فيها أن لا تعمل في الحرام.

إن من يرون بعدم جواز التأمين التجاري التقليدي يعللون ذلكللأسباب الآتية:
1- عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش، لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد ومقدار ما يعطي، أو يأخذ، فقد يدفع قسطاً، أو قسطين، ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمِن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً، فيدفع جميع الأقساط، ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤمِن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده.
2- عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل، أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين، ثم يقع الحادث، فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر، ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً، ودخل في عموم النهي عن الميسر.

3- عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنسيئة، فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن، أو لورثته، أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها، فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة، فيكون ربا نسيئة، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نسيئة فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع.

4- عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم، لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة للإسلام.

5- عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، وأخذ المال بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم، لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم).

6- في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً، فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه، ولم يتسبب في حدوثه، كما إن التأمين التعاوني أو التكافلي ثم جوازه للأسباب الآتية:
أ - أن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار، والاشتراك في تحمل المسئولية عند نزول الكوارث، وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر، فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة، ولا ربحاً من أموال غيرهم، وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر.
ب - خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه: ربا الفضل، وربا النسيئة، فليست عقود المساهمين ربوية، ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية.

ج- أنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليهم من النفع، لأنهم متبرعون، فلا مخاطرة ولا غرر ولا مقامرة بخلاف التأمين التجاري، فإنه عقد معاوضة مالية تجارية .

د - قيام جماعة من المساهمين، أو من يمثلهم باستثمار ما جمع من الأقساط لتحقيق الغرض الذي من أجله أنشئ هذا التعاون، سواء كان القيام بذلك تبرعاً، أو مقابل أجر معين.

وبما إن الحوكمة هي الآلية التي تنظم العلاقة بين الأطراف المتعاقدة لتجعلها علاقة عادلة، فإن هذه العلاقة يجب أن ينظمها عقد يعبر عن إرادة الطرفين، ولكي يعبر كل طرف عن إرادته يجب أن يتوفر له قدرا من الاستقلالية حتى يتمكن من صياغة عقد يحفظ حقوقه قدر الإمكان حسب قوته التفاوضية، أو قوة من يمثله (الهيئة الشرعية مثلا). ومن هنا يأتي دور الحوكمة الإلية التي تجعل العلاقات أكثر عدلاً لتكمل دور القواعد الشرعية التي نعتقد بعدالتها جازمين، فالقواعد الشرعية هي القواعد التي يبنى عليها صرح عادل في علاقاته، والعلاقات المهمة قي شركات التامين التكافلي هي علاقة الوكالة وعلاقة المضاربة التي ينظمها عقد الوكالة وعقد المضاربة، وقد أثبتت دراسات كثيرة أمكانية أقامة التأمين التكافلي على أساس الوكالة والمضاربة معاً، أو على أساس المضاربة وجزء من الفائض، أو على أساس الوقف [18].

العلاقة بين المساهمين وحملة الوثائق يقوم المساهمون بتأسيس الشركة وتقديم رأس المال اللازم لإشهارها وإيجاد الكيان القانوني المرخص بالعمل، واكتسابها الوضع القانوني، بحيث تكون الغاية الرئيسية للشركة مزاولة أعمال التأمين وفق مبادئ الشريعة الإسلامية.

  • يقوم المساهمون بإجراء التجهيزات اللازمة، من إيجاد المكان المناسب وتشغيل الموظفين ذوي الكفاءة المهنية اللازمة من فنيي التأمين والمحاسبة، متحملين المصاريف العمومية والرأسمالية.
  • يقوم المشتركين بتكوين صندوق حملة الوثائق بدعوة وترتيب من إدارة الشركة.
  • تقوم أدارة الشركة بتوكيل المساهمون بإدارة عمليات التأمين، من إعداد الوثائق وجمع الأقساط، ودفع التعويضات وغيرها من الأعمال الفنية، في مقابل أجرة معلومة (يُنص عليها في الوثائق) وذلك بصفتهم القائمين بإدارة التأمين. أنظر المعيار الشرعي رقم 26 الخاص بالتأمين الإسلامي الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في البحرين.
  • يقوم المساهمون أيضاً باستثمار الأموال (الاشتراكات) المحصلة في صندوق التكافل                          (حساب حملة الوثائق) وذلك باعتبار المساهمين يمثلون المضارب والمشتركين يمثلون صاحب المال(عقد المضاربة).
  • القرض الحسن من المساهمين لصندوق التكافل.

القرض الحسن قرض يمنحه المساهمين لصندوق حملة الوثائق بدون فائدة في حالة تعرض الصندوق لعجز لا يمكنه من دفع التعويضات، أن هذه العلاقات التي نشئت بنشوء شركات التأمين التكافلي تحتاج إلى حوكمة تناسبها حسب طبيعة كل علاقة ثم أتباتها في عقد يبين الحقوق والواجبات لكل طرف في عقد الوكالة والمضاربة.

حوكمة عقد الوكالة:

إن عقد الوكالة عقد يربط صاحب المال بالوكيل، ومن هنا فإن صاحب المال يجب أن ينشىء الجسم الذي يناسبه ممثلا له، مثلما تنشاء اللجنة التأسيسية في الشركات المساهمة تم تتحول إلى هيئة المساهمين أو جمعية عمومية.

لذلك فإن أنشاء صندوق حملة الوثائق من الناحية النظرية يجب أن ينشاء مستقلا عن الشركة (الوكيل) بواسطة لجنة تأسيسية تقوم بتجميع الأموال و تحديد المخاطر التي ستغطيها والشروط الرئيسية اللازمة، تم بعد ذلك تقوم اللجنة التأسيسية بتكليف الوكيل المناسب (بين شركات التأمين العاملة) بتصميم الوثائق وفقا للشروط والمنافع التي حددها أصحاب الوثائق وتكليف نفس شركة التأمين أو شركة أخرى باستثمار هذه الأموال مضاربةٌ حسب نسبة المضاربة المتفق عليها.

أما قيام الشركة المديرة نفسها بإنشاء الصندوق وتجميع الأموال قد يجعل الشركة أو شركات التأمين التكافلي بالسوق تفرض شروطها وتصبح عقود التأمين التكافلي عقود إذعان لا يتحقق فيها عدالة التفاوض بين طرفي التعاقد وتنتفي فيها الأسس التي تقوم عليها العقود، وتجدر الإشارة هنا إلى أسس العقود وشروطها حتى نتمكن من الحكم على الطريقة المعمول بها حالياً في شركات التأمين التكافلي.

أسس العقود:

  • لزوم الرضا.
  • منع الغش والغرر والتدليس.
  • العرف.
  • لزوم موافقة قصد المكلف لقصد الشارع.
  • الاستقرار.
  • العدل والعفو.
  • كونه محققا لفائدة الطرفين.
  • المرونة وقابلية التفريع.    

ولعل هذه الشروط يصعب تحققها ما لم يكن لطرفي التعاقد قوة الإرادة المستقلة، فإن كان لطرف ما حق صياغة العقد بمعرفته وتقديمه للطرف الأخر بتفاصيله المعقدة وعباراته الغامضة، فما من مفر للطرف الأخر الضعيف المستأمن إلا القبول نزولاً عند ضغط حاجته ليؤمن نفسه من مخاطر تهدده، ويصبح بذلك شرط الرضا لم يتحقق عن إرادة كاملة بل إذعان تحت ضغط الحاجة.

ولذلك فأنه من الناحية العملية يصبح وجود هيئة الرقابة الشرعية وكيلاً عن الطرف الضعيف وباقي الأطراف للتأكد نيابة عنهم من مشروعية هذا العقد هو الآلية الممكنة لتوفير شرط الرضا، إلا أن هدا يتطلب أن تكون هيئة الرقابة الشرعية مستقلة تماماً عن كل الأطراف وتكون ممثلة في ذات الوقت لجميع الأطراف (ولا يختارها ويحدد مكافأتها طرف دون الطرف الآخر) حتى تكون قادرة على وضع نموذج عادل يرضى كل الأطراف ويلبى حاجاتهم، والصعوبة تكمن في وضع هذه القواعد العادلة أو النسب العادلة، وان كان التصديق على مشروعية العقد تكون عملية أسهل ولكن تحديد أتعاب الوكيل أو المضارب هي المهمة الأصعب، لأن نسب كثيرة للإتعاب تكون مشروعة إلا أنها ليست عادلة.

إن تحديد هذه الأجرة في عقد الوكالة هو الأمر المهم من وجهة نظر الحوكمة، والأكثر أهمية هو من أي مبلغ تؤخذ هذه النسبة؟ فإذا كانت نسبة من مبلغ ما فيجب أن لا تكون نسبة من قيمة الأقساط فقط، بل يجب أن تقسم هذه النسبة إلى جزئين جزء يؤخذ على قيمة الإقساط لتشجيع الشركة على تحصيل مزيداً من الإقساط لتفتيت الخطر، وجزء يؤخذ على المطالبات المرفوضة التي لا تغطيها الوثيقة حتى يتم بذل العناية المهنية اللازمة وعدم منح تعويض لمن لا يستحقه.

ويرى الباحث في هذا الشأن وعند صياغة عقد الوكالة وتحديد نسبتها بين المؤسسين والشركة أن تتحدد النسبة حسب الأعمال التي تقوم بها الشركة، إذ تتولى الشركة نيابة عن حملة الوثائق بالإضافة إلى إدارة الوثائق المحصلة بواسطة اللجنة التأسيسية السعي للحصول على المشتركين الجدد، وبنفس الشروط التي تم الاتفاق عليها مع اللجنة التأسيسية للصندوق بالإضافة إلى قيامها بإدارة المطالبات وخصوصا المطالبات المرفوضة، وفى مقابل كل خدمة من هذه الخدمات تُمنح جزء من أجرة الوكالة، أي أن أجرة الوكالة يجب أن تحدد على أسس ثلاث هي نسبة عن إدارة الأقساط المحصلة بمعرفة اللجنة التأسيسية، وأخرى عن إدارة الأقساط التي تحصل بمعرفة الشركة (الوكيل)، وثالثة على قيمة المطالبات المرفوضة.

حوكمة عقد المضاربة:

بالرغم أن المعايير الشرعية قد حددت الأسس التي تقوم عليها المضاربة، إلا أن الأمر يتطلب فهم علاقة المضاربة بين صاحب المال والمضارب، عندما يكون المضارب شركة مساهمة مسئولية مساهميها محدودة بقيمة الأسهم ولا تتعداها في حالة التقصير والتعدي.

مفهوم المضاربة:

يعتبر معظم المفكرين المسلمين المضاربة على إنها أكثر صيغ التمويل المصرفي الإسلامي عراقة فضلاً عن كونها أكثر تجسيداً لمبادئ الاقتصاد الإسلامي ومقوماته، فهي مشاركة بين المال والجهد، قد يكون المصرف صاحب المال وقد يكون صاحب الجهد، فالمضاربة أما أن تكون من جانب التمويل بالنسبة للمصرف وأما من جانب الاستثمار، فعندما تكون من جانب التمويل يكون المصرف هو المضارب ويكون أصحاب الحسابات الاستثمارية هم أصحاب المال، وعندما تكون من جانب الاستثمار يكون العمل والجهد من العميل (ويسمى مضارباً) على أن يكون الربح المكتسب بينهما بنسبة مئوية شائعة ومحددة، أما في حالة الخسارة فإنها تقع على رب المال (المصرف) على أن يفقد المضارب جهده، أما إذا تعدى المضارب على المال أو قصر أو أهمل أو أساء إدارة العملية فإنه يتحمل الخسارة لوحده.

والسؤال الذي يحتاج إلى إجابة عندما تكون علاقة المضاربة بين صندوق حملة الوثائق وشركة التأمين، هو كيف تتحمل شركة التأمين (المضارب) المسئولية عن تقصيرها وهي شركة مساهمة تتمتع بميزة المسئولية المحدودة؟. ومن هنا يبرز سؤال مهم هل العلاقة التي تربط شركة التأمين مع أصحاب المال (صندوق أصحاب الوثائق) هي علاقة مضاربة؟ أي هل فعلاً شركة التأمين مضارب؟.

أن الإجابة على هذه الأسئلة تستوجب أن نعرج على مفهومين مهمين، هما مفهوم المسئولية المحدودة، ومفهوم انفصال الملكية عن الإدارة.

المسئولية المحدودة هي مفهوم يعني أن المسئولية المالية الشخصية محدودة بمبلغ معين، هدا المبلغ غالباً يمثل استثمارات الشخص في شركة مساهمة أو شركة ذات مسئولية محدودة، والمساهم في هذه الشركة ليس مسئولاً شخصياً عن أي ديون على الشركة أكثر من قيمة مساهمته في هذه الشركة.[21].

أما المضاربة اصطلاحاً فتعني أن يدفع رب المال إلى المضارب مالاً ليتجر فيه ويكون الربح مشتركاً بينهما بحسب ما يشترطان، على أن تكون الخسارة على رأس المال ولا يتحمل المضارب شيئاً إلا إذا أثبت أنه تعدى على رأس المال أو قصر أو أهمل في نمائه. ولكن عندما يكون المضارب هو المصرف الذي يتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة عن الملاك وفى شكل شركة مساهمة فأن الخسارة الناتجة عن التقصير لن يتحملها بحجة ان مسئولية الملاك محدودة في حدود رأسمالهم، إذا من سيتحمل خسارة ما بعد رأس مال الملاك هم المستثمرين، ومن هنا لا يجب أن ينظر للملاك والإدارة بأنهم طرف واحد يمثل المضارب، بل يجب أن يتم الفصل بين الإدارة التي تمثل الجهد والملاك اللذين يمثلون رأس المال سواء أكان رأس المال في شكل أصول ثابتة أم سائلة.

إذاً فالمضاربة عبارة عن عقد بين طرفين أحدهما يقدم رأس المال والثاني يقدم جهده البشري المتمثل في العمل أو في الخبرة والإدارة، أي أنها وسيلة تجمع بين المال والعمل بقصد استثمار الأموال التي لا يستطيع أصحابها استثمارها، كما أنها الوسيلة التي تقوم على الاستفادة من خبرات الذين لا يملكون المال. وأدا نظرنا إلى طبيعة عقود المضاربة من جهة الاستثمار أي عندما يكون المصرف هو صاحب المال نجد أنها تصنف كما يلي:

1- المضاربة المطلقة: وهي أن يدفع المصرف المال مضاربة دون أن تقيد بزمان ولا مكان ولا نوع تجارة، ولا يعين البائع فيها ولا المشتري، وهذا النوع من المضاربة بالرغم من حله وجوازه إلا أن المصارف في الوقت الراهن لا تتعامل به حرصاً منها على أموالها ولصعوبة متابعة استثمار هذه الأموال غير المقيدة، الا أنها تقبلها عندما يكون أصحاب المال هم المودعين.

2- المضاربة المقيدة: وهي التي يدفع فيها المصرف المال إلى العامل (مضاربة) ويعين له البضاعة أو العمل أو المكان أو الزمان أو من يتعامل معه المضارب، أي أنها قيست بزمان أو مكان أو بنوع من السلع والتجار،ة أو بأن لا يشتري أو يبيع إلا من شخص معين، أو بأي شروط يراها رب المال (المصرف) لتقييد المضارب (العميل). والمضاربة المقيدة أكثر انضباطاً من المضاربة المطلقة، إذ أنها تتيح للمصارف إجراء الدراسات اللازمة وفرض الشروط والضوابط الحاكمة للمعاملة نحو الضوابط الشرعية والمصرفية والمحاسبية التي تساعد على نجاح عملياتها، وبالتالي استثمار أموالها بالوجه السليم. إن هذا النوع من المضاربة ينسجم تماماً مع علاقة المال والجهد بين المصرف باعتباره صاحب مال والمضارب (العميل). إلا أن المضاربة عندما ينظر إليها من جهة التمويل أي عندما يكون المصرف هو المضارب فأن العلاقات هنا تختلط بين الوكالة والشراكة. وكذلك الأمر في شركات التأمين التكافلي، فأن شركة التأمين باعتبارها مضارب بأموال صندوق حملة الوثائق لا يتحمل مسؤولية تقصيره إلا في حدود معينة ولا تتعداها إلى أموال المساهمين الخاصة، مما يعرض أصحاب المال (حملة الوثائق) لمخاطر كبيرة لا يعلمون بها، ومما يخفي جهالة قامت بسببها صناعة التأمين الإسلامي محاولةً التخلص منها.

القرض الحسن:

في حالة حصول عجز في حساب هيئة المشتركين (صندوق التكافل) وعدم كفاية مال الاحتياطيات لسده، يجوز أن يقدم المساهمون من أموالهم قرضاً حسنا من حسابهم، على أن يسدد ذلك القرض من صافي الفائض التأميني المتحقق في السنوات المقبلة، وفى حقيقة الأمر لا يعد هذا القرض حسن (لوجه الله تعالي) بل هو قرض يجر وراءه نفعاً، وإن لم تحدد فيه نسبة مقابل الأجل من أصل المبلغ، وسنقوم بتوضيح فكرة القرض الحسن من خلال علاقة الدائن بالمدين في الفقرة التالية.

السؤال: كيف يكون القرض حسن؟ أن القرض الحسن حسن لأنه لا يضر بطرفي العلاقة الدائن والمدين، وتكون فيه العلاقة عادلة حتى لا ينقطع المعروف بين الناس، فالدائن يكفيه أن لا تنخفض قيمة الدين ويرجع له قيمة أصل الدين كما سلمه للمدين يوم تسليمه، ولا يريد زيادة مادية ويكفيه ما حصل عليه من أجر عند الله سبحانه وتعالى، أما المدين فقد فك بأموال الدائن ضائقته ولا ينكر جميل الدائن ويرد له قيمة الدين عند الاستحقاق، أليس جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ ولا ضرر ولا ضرار؟ والعدالة تعنى عدالة العلاقة بين الأطراف، هل يمكن أن تكون المبادئ والقيم سبباً في انقطاع المعروف بين الناس عندما يتحمل الدائن تكلفة مساعدته لمدين محتاج، آلا يمكن فعل الخير دون تحمل تكلفة (من يضيع على نفسه فرصة الاستهلاك لينقد شخص أخر بإقراضه قرض يفك ضيقته، إلا تكفيه هذه التكلفة مقابل حصوله على الآجر والثواب؟)، هل يكرر من أقرض غيره قرض حسن المحاولة مرة أخرى عندما يتعرض كل مرة لفقدان جزء من قيمة أصل الدين؟، ومن هنا ولكي يكون الإقراض الحسن مشجعاً ويُقبل عليه الناس، يجب أن يحقق عائد يعوض الدائن عن الخسارة التي كانت ستلحقه لو أنه لم يقرض شخص أخر وأبقى أمواله بحوزته دون استثمار، وكان الاقتصاد في حالة ارتفاع في الأسعار. كيف يكون القرض حسن؟، أليس حسن لأنه لم يؤذي إي من الطرفين؟. ولتقدير الضرر الذي قد يقع على الدائن يستدعى الأمر أن نفرق بين مبلغ الدين وقيمة الدين، وأن كانت قيمة الدين تساوى مبلغ الدين عند البيع بالحاضر فأنه ليس بالضرورة أن تتساوى بعد الأجل.

قيمة الدين ليس بالضرورة هي مبلغ الدين بل قد تزيد أو تنقص حسب الظروف الاقتصادية التي قد تتغير بين تاريخ منح القرض الحسن وتاريخ ترجيعه، فارتفاع الأسعار يؤدى إلى انخفاض القيمة والعكس آذا انخفضت الأسعار، أما آذا بقت الظروف الاقتصادية ثابتة خلال المدة أو تغيرت خلال المدة ولكنها عادت عند تاريخ الاستحقاق إلى ما كانت عليه وقت منح القرض، فأن مبلغ القرض يساوى قيمة القرض.  

وبذلك من العدل أن يعوض المدين الدائن عما فقدته قيمة الدين نتيجة ارتفاع الأسعار، وهذا ليس نفعاً جره القرض) وليس زيادة عن أصل المبلغ، بل هي قيمة تجعل أصل الدين المسترجع بعد زمن مساوي لقيمته عند استلامه، وبهذا المنطق يقوم المدين بدفع قيمة أقل من مبلغ الدين نتيجة انخفاض الأسعار، ولكن ولأن الغالب في اقتصاديات كل العالم هو ارتفاع الأسعار بشكل عام فيبقى انخفاض القيمة هو الغالب، وأذا حدت انخفاض القيمة فأنه من العدل أن يحصل الدائن على قيمة اقل من مبلغ القرض ويكون من الإحسان من المدين لو قام بترجيع القيمة كاملة للدائن.

أن هذا المنطق يجعل من تقدير ثمن للأجل منسجماً مع الحلال حتى لا يتضرر الدائن من الأجل، وأيضاً لا يحقق البائع أرباح من منح الأجل ومن هنا لا يتحقق الربح إلا من عملية البيع وليس من عملية الأجل، فالأجل له تعويض يناسبه بما يعوض الدائن مقابل عدم حصوله على ثمن المبيع حاضراً، وبذلك يصبح ما يحصل عليه البائع مقابل الأجل تعويض له عن انخفاض القيمة وليس ربحاً يتحقق من تأجيل الدفع، أما أرباح البائع هي الفرق بين تكلفة الشراء وأسعار البيع بالحاضر. ومن هنا ليكون البائع بائعاً حقيقياً يجب أن يكون قادراً على البيع بالحاضر، وبذلك لن يكون هناك بائعاً يبيع بسعر التكلفة بشكل مستمر إلا آذا كان يعوض أرباحه من عملية البيع بالحصول على إرباح مقابل الأجل، وإذا حدث هذا، فهذه لن تكون عملية بيع حقيقية، وهذه الأرباح التي يحصل عليها المصرف هي نفس الفوائد التي تمثل أرباح المصارف التقليدية، والفرق فقط هو توسيط سلعة، و تؤدى هذه العملية لمزيداً من الاستغلال لحاجة المدين ويقع عليه ظلم أكبر من الظلم الذى كانت تمارسه عليه المصارف التقليدية. وكما أشرنا سابقاً، ما حرم الله الربا إلا لظلمه واستغلاله للطرف الضعيف ألذى يحتاج إلى التمويل، وما أحل الله البيع إلا لأنه بيع حقيقي ظاهراً وباطناً، تتوفر فيه شروط البيع التي لا تجسد الظلم والاستغلال.

ومن هنا لا تستطيع المصارف كمؤسسات احد أهدافها الربح أن تمنح كل أموالها في شكل قرض حسن ولا تستطيع أيضا أن تمنح أموالها مقابل ما تتكبده من مصاريف وتقرض بسعر التكلفة لأن التكلفة رقم تحدده المصارف ذاتها وقد تضخمه دون القدرة على ضبطه بشكل دقيق فيتحمل بدلك هده التكلفة من يقترض الأموال. ولكي تستطيع المصارف أن تعمل بما يتفق مع الشريعة الإسلامية ليس لها إلا أن تتخلى عن كل معاملة بها زيادة ، والزيادة هي ما زاد عن ثمن الأجل.      

ومن هنا فأن القرض الذي تمنحه شركة التأمين لصندوق حملة الوثائق هو قرض يجر نفعا واضحاً لشركة التأمين، وأن كان هذا النفع لم يفرض في شكل نسبة فائدة أو صفر فائدة، إلا أن شركة التأمين تعوضه بشكل أخر برفع أجر الوكالة أو نسبة المضاربة أو ألاثنين معاً، كما أن هذا القرض لا تمنحه شركة التأمين إلا وهى تعلم تماماً بأنه سيرجع لا حقا،ً وأن هذا القرض لا بد من منحه حتى دون طلب من الصندوق، لأن بدفعه تستمر أعمال الشركة.

حوكمة العلاقة بين شركات التامين التكافلي وإعادة التأمين:

أن التكافل في الأصل بين حملة الوثائق أنفسهم وليس بين حملة الوثائق والشركة (الوكيل)، ولذلك فأن المخاطر حال حدوتها سيتحملها صندوق حملة الوثائق ولا تتحملها الشركة التي يربطها بالصندوق علاقة وكالة، ومن هنا فإن فكرة إعادة التأمين إن أصبحت ممكنة فنياً وشرعياً، يجب أن تقوم مع صندوق أخر اكبر يمكنه تحمل المخاطر ويكون المشتركين فيه (مجموعة صناديق) في حالة تكافل أيضاً، فكيف تقوم شركة التامين بإعادة تأمين خطر لا يصيبها أصلاً؟. ومن هنا فأن الإعادة تكون إلى صندوق تكافل أكبر من حيت تحمله للمخاطر والقدرة على دفع تعويضات عالية، وما الشركة التي تدير الصندوق إلا شركة إدارة بوكالة واستثمار بمضاربة، ولا تعمل في الحرام كما أشرنا سابقاً.

علاقة هيئة الرقابة الشرعية بجميع الأطراف ذوي العلاقة:

أن المكون الجديد الذي يميز مؤسسات التمويل الإسلامي هو وجود ضامن يضمن سلامة الإجراءات والتعاقدات التي تبرمها المؤسسة الإسلامية، والتحقق من اتفاقها مع الشريعة الإسلامية، لأن المؤسسة الإسلامية تبنى على قواعد شرعية تتصف بالعدل ورفع الظلم، وهى بذلك لا تكتفي بدور التأكد من سلامة القواعد لبناء صرح اقتصادي، بل أنها تعمل وبكل حرص وإتقان للتأكد من أن العلاقات الناتجة عن هذا البناء علاقات عادلة ومتفقة ومنسجمة مع القواعد الشرعية، وتعمل الحوكمة هنا وتسعى لجعل العلاقات التي نتجت عن هذا البناء علاقات تتسم بالعدل قدر الإمكان، عدل بين الملاك والإدارة، وعدل بين الملاك أنفسهم كبيرهم وصغيرهم، ومراعاة حقوق الأطراف الأخرى ذات العلاقة بالشركة، وتبدو هنا أهمية هيئة الرقابة الشرعية لجميع الأطراف الراغبين في الحصول على خدمات تتفق مع الشريعة الإسلامية وتبعدهم عن الحرام المتمثل في الربا والغرر والقمار والميسر.

فالملاك الراغبين حقيقةً في الحصول على دخل حلال يكلفون مجلس إدارة لتحقيق العائد المطلوب، ويكلفون هيئة للرقابة الشرعية للتأكد من أن هذا العائد متفق مع قواعد الشريعة حتى يصبح حلال، وقد يوفق الملاك الراغبين حقيقةً في تقديم خدمات شرعية يحصلون من وراءها على عائد حلال في اختيارهم، يوافق في ذات الوقت اختيار الأطراف الأخرى المتعاملة مع المؤسسة. أما الملاك الراغبين في تحقيق دخل فقط دون أن يكون مشروط بأن يكون حلال ولو كانوا قد أسسوا مؤسسة تحت مسمى مؤسسة إسلامية، فأنهم سيختارون الهيئة التي تحقق لهم دخلاً أعلى ولو لم يتفق تماماً مع الشريعة الإسلامية، ومن هنا قد يوًقع الملاك بالأطراف الأخرى التي تبحث عن معاملات حلال في الحرام دون علمهم. لذلك فأن الهيئة يجب أن تكون قادرة على توفير الطمأنينة لكل من يتعامل مع المؤسسة، لأنها مؤسسة إسلامية بما في ذلك مثلا من يرغب في أبرام وثيقة تأمين إجباري، تاركاً المؤسسة المجاورة التقليدية بالرغم من عراقتها وجودة وسرعة خدماتها وأنخفض تكلفتها ليتقدم إلى المؤسسة الإسلامية باحثاً عن الحلال.

لذلك ولتوفير الطمأنينة للجميع يجب البحت عن طريقة ما تمكن الجميع من اختيار صمام الأمان الذي يرفض السماح بتمرير كل معاملة تشوبها شائبة، ولا يترك الأمر للملاك فقط. إن خطورة تهاون هيئة الرقابة الشرعية أو تواطؤها مع الإدارة يؤدى إلى خسائر لا يمكن تعويضها، وهى خسارة فقدان الحلال من العائد المحقق أو فقدان الحلال من أية معاملة كان يرجى منها الحلال. أنها خطورة أكبر بكثير من تلك المخاطر الناتجة عن تحقق خسائر مادية بالحصول على عائد أقل أو معاملة بأقل جودة، لأن هذه الخسائر يمكن تعويضها مستقبلا بمزيد من الجهد والرقابة والتنظيم، أما خسارة الحلال فهي الخسارة الحقيقية.

الخلاصة:

خلاصة القول ومن خلال ما أثرناه سابقاً، نستنتج وبما لايدع مجال للشك، بأن مؤسساتنا التي تقدم منتجات متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية تحتاج إلى تطبيق الحوكمة أكثر من غيرها من المؤسسات التقليدية، فإن كانت المؤسسات التقليدية تطبق الحوكمة للمحافظة على أموال الملاك وحماية أصحاب المصالح الآخرين، تبقى هذه الحماية لحماية الحقوق المادية فقط، أما المؤسسات الإسلامية الأكثر نبلاً والتي تسعى إلى تحقيق علاقات عادلة فهي تحتاج إلى حوكمة بطريقة أخرى، حوكمة تمكنها من حماية الحقوق المادية بالإضافة إلى حماية الحقوق الأخلاقية المتمثلة في الحصول على دخل حلال وتقديم خدمات حلال (متفقة مع الأحكام الشرعية). ويعتقد الباحث جازماً أن مستقبل التمويل الإسلامي يعتمد على الطريقة التي يقدم بها، والتي تحفظ الحقوق لكل الأطراف، ولا يجوز التحايل والتلاعب في التطبيق بحجة أنه يصعب في هذا الوقت تطبيق الصيغ الإسلامية بالطريقة المثالية.

قائمة المصادر و المراجع:

المراجع العربية:

1 - أبوغدة عبد الستار، "أساس التأمين التكافلي"،المؤتمر الثاني للمصارف الإسلامية، دمشق، 2007.

2- المبادئ الإرشادية لضوابط إدارة المؤسسات التي تقتصر على تقديم خدمات مالية إسلامية الصادرة عن       مجلس الخدمات المالية.     

3 - المعيار الشرعي رقم 36 الخاص بالتأمين الإسلامي الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، البحرين.

4- محمد حسن حنون، الأعمال والخدمات المصرفية في المصارف التجارية والإسلامية، عمان، المكتبة الوطنية، 2005.

5- مبادئ الحوكمة في المصارف الإسلامية، مجلس الخدمات المالية الإسلامية، 2006.

6 - سالم ملحم، أحمد، التأمين التعاوني الإسلامي وتطبيقاته في شركة التأمين الإسلامية، الأردن، المكتبة الوطنية، 2000.

7 – ندوة رقم 12 للاقتصاد الإسلامي، البركة، الأردن، 1996.

المراجع الأجنبية:

8 - Brennan, Michael (1994). “Incentives, Rationality, and Society.” Journal of Applied Corporate Finance (September).

9- Chapra, M. and Ahmed, H. (2002) “Corporate Governance in Islamic Financial Institutions” Occasional Paper No. 6 (Islamic Research and Training Institute: Islamic Development Bank, Jeddah) pp 32.  

10 - Eisenhardt ,M (1989), Agency theory: An assessment and Review, the Academyof Management Review, Vol, 14, No. 4.

11- Fama E.F. (1980) “Agency problems and the Theory of the Firm” The Journal of Political Economy, Vol. 88, PP 228.

12- Hart,O (1995), Firms, Contracts, and Financial structure, Oxford UniversityPRESS, Jornal of Empirical Finance, 5

13- Hirschman, A.O. (1970) Exit Voice and Loyalty: Responses to Decline in Firms, Organizations and States (Harvard University Press, Cambridge, Massachusetts,).

14- Jensen, M.C. and Meckling, W, (1976) “Theory of the Firm: Managerial Behavior, Agency Costs and Ownership Structure”, Journal of FinancialEconomics, Vol.3, No. 4.

15 - Jensen, Michael (1994). Self- Interest, Altruism, INCENTIVES & Agencytheory . Journal of Applied Corporate Finance ( Summer – 1994).

16- Mhtchell et al (1996) ,Corporate Finance and Governance, Carolina AcademicPress.

17- OECD (2004) “OECD Principles of Corporate Governance”.

18- Sarker, A. A. (1999) “Islamic Business Contracts, Agency Problem Theory of the Islamic Firm”, International Journal of Islamic Journal of Islamic Financial Services Vol. 1, No. 2,        

19 - World bank policy research, Working Paper 4052, (2006).

20- www.adherents.com.                                      

21- http://en.wikipedia.org/wiki/Main_Page.

www.dib.ae/ar/index.htm. -22

 


[2] Eisenhardt (1989).

[4] Jensen and Meckling (1976).

[6]Brennan (1994).

[8] الصادرة عن مجلس الخدمات الماليةالتي تقتصر على تقديم خدمات مالية إسلاميةالمبادئ الإرشادية لضوابط إدارة المؤسسات

[10] مبادئ الحوكمة في المصارف الإسلامية ، مجلس الخدمات المالية الإسلامية 2006 .

[12]Hirschman (1970).

[14] World bank policy research (2006).

[16]سالم ملحم، 2000.

[18] المعيار الشرعي رقم 36 .

[20] http://en.wikipedia.org/wiki/Main_Page

[21] محمد حسن حنون (2005) .

اتصل ألان